Thursday, December 30, 2010

كيف أفسدت التكنولوجيا يوم السفر ... وأنقذته

كنت أود أن أكتب فى موضوعين أخرين مع الموضوع التالى لكننى لا أتذكرهما. هذا سيكفى.

شاء لى القدر أن أذهب إلى مدينة ليفربول الإنجليزية. وكانت رحلتى تبدأ من مطار القاهرة وتنتهى بمحطة لايم ستريت الليفربولية، مرورا بمطار هيثرو ومحطة يوستن بلندن وما بينهما من متاهة أسمنتية حديدة أنفاقية. الرحلة بدأت الساعة السادسة صباحا وأنتهت السادسة مساءا. هكذا وفى نصف يوم إنتقلت من الجنوب إلى الشمال ومن اليمين إلى الوسط. وحزنت.


محطة لايم ستريت بلفربول

لقد حولت الحضارة السفر إلى مجرد فترة إنتظار. كالدجاجة فى المايكرويف. قد كنت مجمدا والآن ستصبح طعاما!!

لقد أفتقدت الرحلات فى الماضى السحيق عندما كان المرء يسافر من العراق إلى مصر فيمر بشعوب وحضارات وأسواق وروايح وألوان وأصوات فيملأ كيانه بكل ما يعجبه وينسى كل ما لا يعجبه. لا بد أن السفر آن ذاك تجربة مثيرة عن جد. لقد سلب التقدم العلمى كل المتعة من السفر. ما بين ملأ الحقائب باستخدام ميزان حتى لا تخل بقوانين شركة الطيران فلا تدفع غرامة وبين الجلوس فى كراسى ضيقة وتناول طعام ما أنزل الله به من سلطان ثم ختم الرحلة بالإيجابة عن أسئلة بلهاء وكل ما يشغل بالك هو عدم إثارة الشكوك عند أحد من المتحفزين من رجالات الحدود فى البلد المضيف.


مبنى الليفر الملكى

ثم فاصل من المشى لمسافات طويلة مع جر الأثقال التى حزمتها بيدك من بضع ساعات وتخطيط رحلتك على الأفعى الحديدية المجوفة.

طوال هذا لا توجد ألوان سوى الرمادى والكحلى. لا توجد روائح سوى المطاط والبلاستيك. ولا توجد حضارات فقط حدود.

وبما أن التكنولوجيا هشة فلا ضير من المرور بكل هذا وفى جيبك هاتف محمول خالى البطارية وبه ثمانية جنيهات من الرصيد.

منذ أن هبطت فى هيثرو وحتى وصلت ليفربول لا أظننى أنى رأيت السماء التى فوقى مباشرة لمدة خمس دقائق متصلة. يا لها من تعاسة. فعلا لقد كنت شقيا طوال هذا الشق من الرحلة. لقد ضاع السحر فى السفر وسار مجرد جلوس فى آلات حديدة ووقوف فى طوابير.

ركبت سيارة أجرة بجوار محطة القطار لأذهب لوجهتى فى ليفربول. أوصلنى السائق لمنطقة لا تشبه مطلقا تلك التى رأيت صورها من أسابيع. وبعد جولة استكشافية وعدم وجود أى علامات يستدل منها على المكان دفعت الأجرة وأخذت الحقائب ونزلت. ورحلت سيارة الأجرة. ووقفت وحيدا. فى ليفربول. بدون خريطة. فى عنوان خاطئ. بدون أى وسيلة إتصال. وفى جيبى خمس مائة جنيه استرلينى. فى شارع مظلم.

مشحونا بالعديد من الأفلام الأجنبية ومعلومات شبه مهزوزة عن معدل الجريمة فى شمال انجلترا ونبض وضغط مرتفعان، أخذت بمقبضى حقيبتاى وقررت البحث عن المكان أو أى شخص يمت له بصلة. سألت عدة أشخاص ووجدت مركز رياضى ما زال مفتوحا (يذكر انها كانت تقرب من السابعة وأغلب الأماكن تغلق أبوابها فى السادسة) فدخلته وتفقدت عنوان غايتى الذى بالطبع كان خاطئا على الحاسب الآلى الخاص بالمركز وطلبت سيارة أجرة أخرى من هاتفهم. وهكذا أنقذتنى ذاتها التقنيات التى سلبت مرحى يوم السفر.

Tuesday, November 2, 2010

أما هذه فخواطرى أنا


نجحنا اليوم – أصدقائى ونفسى – فى نقل المعلومات الأولية عن بحثنا فى وعى المرأة المصرية عن سرطان الثدى فى شكل عرض شرائح بين يدى مجلس قسم الجراحة العامة. وكان رد فعل أساتذتنا شأنه شأن المخدر. لقد أستمتعوا بعرضنا وبحثنا وإحترافيتنا فى العمل. ونحن سعدنا جدا باستمتاعهم هذا. لقد علق أستاذنا الدكتور أحمد عبد العزيز أننا جددنا أمله فى المستقبل. ربنا يجعلنا عند حسن ظنه.

أصدقاء ... أخوة ... زملاء

أظننا شرفنا أساتذتنا اليوم أمام زملائهم.


 ولكننى للحقيقة أستمتعت أكثر عندما كنت أدخل البيانات على شكل إحصاء. كنت أتأمل الأسطر على شاشة الحاسوب وكان كل سطر يمثل مريضة وعمرها وأجوبتها على أسئلتنا. وكان كل سطر يمثل الدقائق القليلة التى قضيناها معهم فى تصحيح المعلومات الخاطئة وإضافة المعلومات الناقصة لديهن. ربما لم يكن تأثير هذا البحث بالنسبة على واضحا أو فوريا ولكننى أقرها إنه لإحساس ممتع أن تضيف لمعلومات مرضاك وذويهم لتحميهم من المرض.

ولكن هناك خاطرة أخرى تداعبنى مؤخرا. لا أعلم علاقتها بأختها بالأعلى ولكننى أشعر بضرورة البوح بها.
لا أحد سيهتم بتحقيق حلمك أكثر منك. لن يلح عليك أن تلحق بقطارك أكثر من طموحك وعزيمتك. قد أكون قد صرحت بهذا الشعور من قبل فى تدوينات سابقة ولكننى هذه المرة أود أن أضيف لوحة مرئية لهذه الخاطرة.

إنى لأكاد أتزوق طعم جائزتى وأراها أمامى عين اليقين. إنى لأكاد أمد يدى إليها وأقف على أطراف قدماى وأحبس أنفاسى حتى تدمع عيناى وينزف أنفى ويحمر وجهى. طبعا الجائزة ليست مجرد عنقود عنب متدلى بملل من كرمة ناضحة فى عزبة الوالد. لا وألف لا. هذه الجائزة مطمع الألف. هناك آخرون يريدونها بل وقد يحتاجونها أكثر منى. ولكننى أشعر أننى مثل الواقف على الصراط وهو حاد كالسيف فإما أقع فى حفرة عميقة وإما أن أقفز عاليا فى لحظة مناسبة يتيمة كى أتمسك بحافة النجاة. وكل هذا مع تفادى جميع العراقيل والتفوق على كل من يسعى للنيل من تلك الحافة.

بقى أن أقول أنه لن يساعدك أحد على التشبث بالحافة. لن يركبك أحد الصاروخ. ولكن هناك من سيدلك على الخير وهناك من سيشجعك ويلهمك ويدعي لك الله بالنجاة. وكل هؤلاء أدعو لهم بالخير والرضا والستر وأساتذتنا منهم.

بعد إنتهائى من الكتابة، أجد أننى أضيف للموضوع أكبر من همه .... لا أحد ينام بدون عشاء.

Thursday, September 2, 2010

فى طب القوافل 2: الطين والمحاليل وأم الهنديين

ماذلنا مع الأحاسيس السلبية التى كانت بداخلى فى القافلة. أنا ما كنتش زعلان بسبب العيال. أنا كنت زعلان عشانهم. الواد طالع بطينه على السرير عشان أكشف عليه. والعيال ريحتها معفنة ... عارف ريحة العرق على ريحة الزريبة. يع!
اللى يضايقك إن أغلب المشاكل عند العيال ده ممكن جدا تفاديها لو فى شوية وعى، وهى حاجة أكتشفت بعد كدا إنها ممكن تكون أهم حاجة ممكن أقدمها للعيان. ممكن تكون أهم من الدوا نفسه. بس فعلا فى ناس ما تستحقش شرف التكاثر. المنظر ده أتكرر 3 مرات خلال الخمس أيام اللى أشتغلناها .. الأم داخلة شايلة لفة بمبى أو أزرق وتفتحها تلاقى حتة لحمة عندها جفاف شنيع وحرارة. وتسأل الهانم تقولك بيسهل ويرجع بقالو 3 أيام. طب ما جيبتهوش بدرى ليه؟ تسمع رد يفقع لك المرارة. بعد ما أنفجر فى الست نبدأ إجراءات إسعاف الطفل. دكتورة سوزان وهى مدرس طب أطفال كانت تدخل الكانيولا فى الواحد وأحنا نركب المحالبل.
العيادة كانت مجهزة زى الإستقبال وده كان شئ يبعث للفخر بصراحة. كنا مجهزين لأغلب حالات الطوارئ اللى ممكن تواجهنا والحمد لله كل اللى جه خد الواجب بتاعه وزيادة.
قبل ما كمل رغى فى الصراع الداخلى اللى جوايا. نتكلم شوية عن دكتورة سوزان. أنا كان عاجبنى روحها إنها ممكن تكون أكبر واحد فى القافلة من حيث الرتبة بس ما كانتش تحس الموضوع ده لما تتكلم معاها. كنا بنشوف حوالى 200 عيان فى العيادة و برده ترد على أسئلتك ولو فى عيان مسموع عليه حاجة أو فيه حاجة مفيدة ممكن نتعلمها تلمنا كلنا عشان نشوفها ونسمعها. أنا مدين ليها فى سماع أصوات لغط القلب المختلفة. حاجة نفعت جدا بعدين.
دكتورة سوزان وتوعية الأطفال: ليفة وصابونة وندعك جامد
دكتورة سوزان كانت طالعة القافلة معاها رؤية خاصة فى عيادة الأطفال وهى أن كل طفل داخل العيادة لازم يتم عمل كشف عام وشامل عليه بغض النظر عن شكواه. لا بد من الإعتراف إن أنا ما عملتش كدا أول يوم. بس لما خدت بالى، تطبيق المنهج ده كان من الحاجات اللى خلتنى أقتنع بضرورة اللى أحنا بنعمله كل يوم. ده كان اللى يخلى طفل بيشتكى من هرش فى دماغه نتيجة الجرب نسمع عليه لغط حمى روماتزمية مزمنة ونديله بنسلين وهو واقف (نشكر رامى عبدالجواد اللى كان بيطلع يساعدنا فى العيادة على قد ما يقدر بالرغم من شغله فى الصيدلية). طبعا كان فيه إحباط بيواجهك مع بعض الأطفال اللى أهاليهم بعتينهم فردانى ولما تقول هات أبوك معاك بكرة تانى يوم تلقى الواد جاى لوحده برده وبيقول أبوه مش حييجى عشان فى الغيط او البحيرة. ده شئ يفقع جدا ولازم نشوف له حل.
نرجع للأهالى اللى عايزين الحرق. وصل بيا الحال إنى بقيت شايف الأهالى ناكرين للجميل وما يستحقوش المجهود اللى أحنا بنبذله وإن هما بيستسهلوا إنهم ياخدوا دوا ولا يسمعوا الكلام اللى ممكن يقي عيالهم الحاجة للدوا أساسا. لدرجة إنى كنت ممكن أتخانق مع أهل عيان بشكل دورى وكنت فقدت أعصابى فعلا آخر يوم بسبب موقف غبى أتكسف إن احكيه تانى.
الأحاسيس ده كانت منكدة عليا بصراحة مكنتش عارف أستمتع بالشغل بس بدأت تتغير بالتدريج.
على رابع يوم بدأت أتعود على سيل العيانين المنهمر من الباب. نشكر وحوش النظام مازن وعمرو منعم. وبدأت أركز مع العيال فى الكشف ولقيت بقى حاجات مريبة. لغط للصبح. لدرجة إن جت فترة من الساعة 12 لحد الساعة 2 كل اللى كشفت عليهم عندهم لغط وأغلبهم خد حقن مضاد حيوى. مخبيش عليك، إحساس حلو. إنك تكون معاك معلومة وتطبقها وتلاقى نتيجة. طبعا مكنتش عارف أنا سامع إيه بالتحديد. الأصوات شبه بعض بس كنت بأروح بالواد لدكتورة سوزان وأقولها سامع كدا. يطلع كذا ده حاجة من 3 حاجات موجودة فى الواد.
بدأت العملية تفرج والواحد يبقى نوعا ما مستمتع باللى هو بيعمله.
برده قعدة مع عفت على كلمتين مع دكتورة سوزان وضحتلى إن الهدف بتاعى كان محتاج يتعدل. إن الواحد مش جاى عشان يخفف عن المنكوبين فى نايروبى. الناس هنا مش عارفة إنها عيانة. هو عادى إن عينه توجعه. إن الواد يجيله إسهال. إنه ماشى وعينيه مزغللة. الناس بقت متعايشة. فإنك تيجى تغير فى أسلوب حياته أو تخرجه من منطقة الراحة بتاعته بالكلام عن العلاج والتحاليل والمرواح والمجى من المستشفيات يعتبر تهريج من ناحيتك بصراحة. وأن الواحد يبقى المفروض هدفه من العلاج أو الكلام مع المريض هو تبيان الفرق بين الصحة والمرض. وإن فى فرق بين الزغللة والرؤية الواضحة بالنضارة أو القطرة. فى فرق بين عيل مفعوص والدود عامل دورى ممتاز فى بطنه وعيل صحته حلوة وشكله نضيف. وهى ليست بالمهمة السهلة.
برة العيادة كنت تحس إنك فعلا فى مستشفى بالرغم من إنها لسا مدرسة. لو كنت خدت ركن بعيد من السور وأتفرجت على المدرسة وهى زى خلية النحل وطرقاتها تعج بالمرضى والأطباء والأطفال تعرف فعلا قد إيه القافلة ده حدث مهم لكل واحد فيها. عيان أو طالب أو طبيب. منظر يشرح القلب.
بس العيال بتوع دفعتنا دول ما يعرفوش أبوهم فى الشغل. إجتماع الأطباء كان بيبقى من أكتر الإجتمعات مللا اللى شوفتها فى حياتى. بالرغم أنهم من المرات الأوائل اللى يشوفوا فيها مريض خارج حيز الدروس والإمتحانات والإمتياز إلا إنهم فى كلامهم عن العيادات والتنظيم بينها كانوا محسسنى إنهم نواب!! أنا عارف إن كل واحد فيهم نيته كويسة وهم مجموعة من أحلى الناس اللى أشتغلت معاها بس برده مش كدا يا جدعان. كل الناس التانية يخلصوا كلامهم  فى السريع ويقعدوا يهزروا ويضحكوا ودول محسسنى إنهم المجلس الإدارى لدار الفؤاد فرع قرية الصعايدة. ده أنتوا ربنا حيبتليكوا ببعض فى النيابة. بس فعلا عيال شاطرة. ربنا يجازيهم خير.
الشباب قبل ما نسيب المدرسة آخر يوم الشغل. يذكر أن النور أنقطع والمدرسة ولعت ومصطفى وقع فى البلاعة
خلال الأيام الأوائل للقافلة لاحظت أنى معرفش حد ممن الدفعات الأصغر منى بإستثناء القلة. وإن الناس الأصغر مننا بيتحاشونا نوعا ما! وفهمت بعد كدا إن الأطباء دول محدش من الناس التانية بيكلمهم نوع من أنواع أبعد عن الشر وغنيله. ده  شئ ضايقنى جدا بالذات إن المفروض إن القافلة دى فيها كل الناس اللى أشتغلت فى الكلية مع بقية الدفعات الصغيرة. فى ناس أنا مربيها على أيدى ولا إيه يا بخارى؟ نقلت مخوفاتى لخالد حامد قائد الزنجفة بالقافلة وعملنا على إتخاذ اللازم. على آخر ليلة وهى ليلة إسكتش الأطباء تم تذييب كل التلج اللى كان قائم بين الأطباء وبقية القافلة. الإسكتش كان ناجح جدا بصراحة وكان من أحلى لحظات القافلة مع أتوبيس آخر يوم شغل. أم الهنديين هى المستشفى اللى بييجى منها الخبير الهندى لعلاج مشكلة الإقبال المنخفض على القافلة فى الإسكتش بتاعنا.
برده كانت حاجة تبسط الواحد لما حد من زمايلنا الصغيرين يتعب وييجوا يسألونا بالرغم أن كان معانا نواب ومدرسين. والواحد كون صداقات وعرف ناس جميلة. حتى الأوغاد أصدقائى عرفوا إنى أنفع أبقى طبيب.
القافلة كانت تجربة هايلة. علمت الواحد حاجات كتير. أطلع قوافل. حتى لو أنت مش دكتور. حايكونلك ألف دور ممكن تعكله وحتعرف إزاى الحياة حتبقى حلوة لو كل واحد فينا عمل المطلوب منه.

ونشوفكوا السنة الجاية

فى طب القوافل

ياااه. الواحد بقالو كتير طحن مكتبش.  كمية الكلام اللى أتولدت وأتنست كبيرة فعلا. يلا حنعمل إيه.

حصلت حاجات كتير قوى الفترة اللى فاتت دى. دخلت فى حاجات وخرجت من حاجات، بس ممكن أقول إن من أكثر الحاجات اللى حسستنى إنى بنى آدم هو طلوعى القافلة الطبية.

نبتدى الحكاية من الأول. طول عمرى بسمع عن القوافل الطبية اللى الأسر عندنا فى الكلية بتطلّعها. وبسمع عنها إنها مصنع الرجال كدا. وعشان كذا سبب. أولا حتى فترة قريبة جدا، القافلة دى كانت تعتبر أكتر مشروع طلابى يحتاج لفلوس ومجهود وناس يشتغلوا فيه. وما زال مشروع ليه هيبته ومدير هذا المشروع بيبان الضغط على وشه ويخس النص وحاجات كدا. الموضوع بيحتاج فلوس كتير. عشان القافلة تبقى حاجة محترمة لازم تتكلف مش أقل من 50 ألف جنيه. طبعا دول فكة بس عشان تجيبهم تبرعات من الصفر حتدوق المر لحد ما يعجبك.

من الآخر الناس بتموت فى تطليع القافلة ده. نيجى بقى للمجهود خلال القافلة نفسه. مفيش حد بيرتاح. مهما كان دورك فى القافلة بيبقى إحساس معفن جدا لما تقضى اليوم كله فى التراب والعفرة وهو شئ متوقع عشان ترجع تلاقى مفيش مية فى المكان اللى أنت بايت فيه وإسمه "النزل" وهو غالبا مدرسة. أنا أتقالى إن المدرسة واللى كانت فندقية بالمناسبة تعتبر تعتبر بمثابة الجناح الرئاسى بفور سيزونس شرم الشيخ بالمقارنة للنزل بالقوافل السابقة. وده شئ أصدقه جدا لما أشوف مستوى "المرضى".

من أول هنا هبدأ أكتب عن تجربتى الشخصية فى القافلة.

القافلة ده كانت الحاجة الوحيدة اللى مكنتش أشتغلت فيها من ساعة ما وردت على كلية الطب. وكل مرة تطلع فيها كنت يبقى مسافر يبقى بأمتحن. فمنطقى جدا إن أول ما تتاح ليا الفرصة إنى أشترك فيها وكطبيب كمان مش حسيبها. قبل ما أطلع القافلة وخلالها بعض الوقت، كنت فاكر إنى حبقى عامل زى الدكاترة اللى باشوفهم فى التلفزيون فى نايروبى بيعالجوا الناس بعد ما الفيضان أو المجاعة دمروا حياتهم. يا سلام لما الطبيبة الفرنسية تعالج الطفل الباكى برفق وحنان. منظر يشرح القلب بصراحة مش عشان الطبيبة فرنسية ولكن لنبل التضحية برفاهيات الحياة من أجل تخفيف المعاناة عن المنكوبين والكلام ده.

طبعا المثالية اللى فرضتها على الموقف ده ودتنى فى داهية زى ما حنشوف بعدين.
طرفة عالماشى ... قبضنا المرتب ليلة القافلة، ولإحساسى بأننا ذاهبون إلى مجاهل أفريقيا لا ما كان يعد فى زمن من الأزمنة بقعة سياحية فخمة فى مصر وهى الفيوم عند بحيرة قارون. وهذا الإحساس قواه عندى رفيق الغرفة أحمد عفت. صرفنا ما يوازى 200 جنيه، أربعة أخماس المرتب على الصابون والليف وأمواس الحلاقة. عيال فافى مش كدا؟

طرفة أخرى عالماشى ... لم يصدق أصدقائى الصغار عنى بدفعة وأثنين وثلاثة أنى طالع القافلة بصفتى طبيب. يا لهم من أوغاد.

المهم، وصلنا الفيوم واستلمنا الغرف. ظريفة مش بطالة وكل أودة معاها الحمام بتاعها وده فى حد ذاته ميزة كبيرة جدا جدا. ومش فاكر مين قال إنهم محتاجين ناس عشان تظبط العيادات فى "المستشفى" أو "مدرسة الشغل". قلت أروح أشوف لو عايزين مساعدة ولا حاجة. أحب أنوه  إنى كنت طالع ضمن طاقم عيادة الأطفال وأنى كنت الذكر الوحيد من ضمن مدرسة طب أطفال و 5 أو 6 زميلات عزيزات أطباء إمتياز.
ذهبنا إلى المدرسة وهنا كانت أولى قترات الواقع قد  بدأت تنزل. دى مدرسة فعلا!!!

مدرسة الصعايدة الإبتدائية. بمبناها الشبيه بكل المدارس الحكومية الصغيرة بالقطر المصرى. مبنى حرف L ويحتضن حوش رمل ومحاطة بسور من الطوب. والعيادات هى الفصول اللى فوق. المدرسة 3  أدوار والأرضى. الأرضى فيه المعمل والصيدلية ومخزن الصيدلية والسلمين اللى على جناب المبنى تم تقسيمهم لواحد طلوع والتانى نزول. نوع من أنواع "فرق تسد" للسيطرة على الطوفان البشرى القادم اليوم التالى.

المهم بدأنا فى فتح مستلزمات العيادات وبعد رص الحاجات فى مكانها حسيت إحساس جامد جدى. العيادة بتاعتى! شئ مذهل إنك يكون معاك مفاتيح مكانن أنت مظبطه عشان الهدف الفلانى وإنك حتيجى كل يوم عشان تخدم الناس وتجرى إيدك فى العيانين و كدا.

تناى يوم بيقولوا العدد كان قليل. أنا كشفت على 13 عيل اليوم كله. طبعا ده عشان أنا كنت بطئ التنين! تانى يوم ال13 دول جم قبل البريك بس، ففهمت بعد كدا أن أول يوم ده كان low flow rate عشان لسا الناس فى القرية مكانش عندهم خبر.

مشكلة المثالية دى كانت مسببالى مشاكل أول 3 أيام. العبدلله ماكانش بيطلّع أى مشاكل فى العيال. كلهم كانت صحتهم كويسة بإستثناء الشكوى الأساسية إن الواد ما بيكبرش. طب بياكل يا ماما؟ لأ. طب أنا يعنى أأكلهولك ولا إيه مش فاهم؟ وكلهم كانوا جايين بيشتكوا من مغص وإسهال وهى أعراض النزلة المعوية وغالبا علاجها مطهر معوى وشرب الكثير من السوائل. الإكتئاب دخل من إدراكى لحاجة، الواد ده ممكن يخف مع الدوا بس بسبب التخلف العقلى اللى عند أمه حيعيى تناى وكأنك يأبو زيد ما غزيت. وبدأ مع كل عيان ييجى بنفس الشكوى الإحساس ده يزيد. لدرجة أنى وصلت إنى بكره العيانين وأهاليهم وبقيت شايفهم شوية مرتزقة جايين يلهفوا ما تيسر من الدوا ويطلعوا يجروا. أضف لهذا أن اغلب التحاليل اللى طلبتها مكانش بيطلع فيها حاجة. ده كويس لو أنت شاكك إن مفيش حاجة عند العيان وبتتأكد. مش كويس قوى لو كنت شاكك وما لقيتش عشان انت كدا عملت تحليل ملوش لازمة.

المهم وصلت لمرحلة بالفشل الذريع إن أحنا جايين نهرج ومفيش فايدة يا صفية إلخ...

طب وبعدين؟ أستنوا الباقى

طب قول أنت ده منظر عيال ما بتكبرش؟

Friday, July 16, 2010

تأملات مع ستيف جوبز



شوفت الفيديو؟

ده ستيفن جوبز صاحب شركة أبل للكمبيوترات والآيفون والآيبود.


أنا عايز أعلق كام تعليق كدا. عايز أحط فكرة أنه ساب الكلية لما ملقاش نفسه بيتعلم العلم اللى نفسه  فيه. أنه عمل كدا وأنه عارف أنه بيكسر كلام أمه وأنه مش عارف حيعمل أيه بعد كدا. مجرد أنه لقى نفسه ماشى فى إتجاه مش عاجبه سابه وقرر يشق طريقه بنفسه. هو اللى عمله ده إيه؟ حماقة ولا جرأة؟ ثقة بالنفس؟ هو ماتكلمش كتير عن إحساسه وهو بياخد القرار وإكتفى التعبير عن الخوف أثناء إتخاذ القرار.

هو علق وقال إنك مينفعش ترسم طريقك من ورا لقدام. مينفعش تقيم صحة أو خطأ قرارتك المصيرية من دون أن تخوض التجربة. إنك لازم تستشير قلبك وتشوف أنت عايز تعمل إيه. بس إيه الجرأة ده؟ هل هى ده الطريقة للخوض فى هذه الحياة؟ انا معنديش رد على هذا السؤال بالرغم إنى دايما من مشجعى العفوية وأؤيد اللى يدور على حلمه ويمسكه بإيديه. بس فعلا هل العالم ممكن يمشى بهذا الأسلوب؟

النقطة التانية اللى أحب أعلق عليها هى كلامه عن المعانة اللى شافها لما ساب الكلية وطريقته فى وصفها وإنه استمتع بالمعاناة دي. أفتكرت أحد أساتذتى لما كان بيقول "هين نفسك" وما كنتش بفهم قوى قصده إيه. لما شفت ملامح وش السيد جوبز فهمت. إنك تكون مستمتع جدا بالحاجة بالرغم من إنك تعبان وإنت بتعملها. أكيد حتكون مبسوط لما تكون عارف إن الحاجة دى مسيرها توديك مكان أحسن من اللى أنت فيه.

لما أتعلم كتابة الخط وبالرغم من إنه داخل مجال ممكن الحاجة دى متنفعوش قوى، أو ده اللى إتهيأله فى الأول، وإزاى بعد كدا قدر يستخدم القدرة دى. عايز أفكّر نفسى إن مفيش حاجة ممكن تتعلمها مش مهمة. على الأقل حتغير طريقة تفكيرك.

لما أتطرد من شركته اللى بانيها بإيديه. حاجة زى كدا ممكن الواحد يموت فيها. بس فعلا ساعات الواحد بيحتاج أحداث كبيرة فى حياته عشان يتغير. ولازم لما يجيله موقف صعب يعرف إن ربنا عارف قدرة البنى آدم ده كويس عشان كدا جايبله إمتحان على مقاسه. .
بس لازم تعرف إن لو جوبز مكانش أتطرد من آبل مكانش حيبقى فيه توى ستورى 1، 2 و3.

وبص بقى بعد كل ده، يجيله سرطان فى البنكرياس. ده أكبر دليل على إن مهما خططت لحياتك دايما حيطلع لك خازوق ماكنتش عامله  حساب. ولازم الواحد يعرف يستمتع بحياته مهما كانت الظروف. ولازم يعمل اللى هو عايزه مهما كانت الظروف.

من الجمل اللى عجبتنى وحنقلهم بدون تعليق:
Do what you believe is great work. Don't settle. Keep looking.
Stay hungry. Stay foolish.
فى الواقع آخر جملة ده حسأل عليها سؤال. إمتى الواحد ممكن يعتبر نفسه مكبل بالرفاهية؟

بأعتذر إذا كنت شايف إن مفيش كلام جديد فى التدوينة دى. ده شوية كلام فى دماغى.

بأعتذر أكتر عن الكتابة بالعامية. بقالى فو الشهر مكتبتش والطاسة مصديّة.

Thursday, June 3, 2010

الساعة أتنين ونص إلا خمسة


الساعة أتنين ونص إلا خمسة. أنا قاعد فى أودة النواب فى مستشفى النسا ومشغل فيروز. من شوية كدا كلنا كشرى وفطير بالسجق ورز باللبن.
أنا مش عايز أخش أنام غير لما أرغى مع حد. قاسم صاحى بس بيتفرج على أليس إن وندرلاند على التليفون وهانئ بيشوف حاجة ممكن يتقبض عليه بسببها على اللابتوب. هى أكيد مش حاجة أبيحة بس أحنا فى بلد الأباحة وحرية الفكر يتساوون إلى حد مدهش! مش موضوعنا.
أفتح موضوع .. ولا أقولك أفتحه أنا. عايز أقول بقين فى موضوع تركيا وإسرائيل وغزة. أولا أحنا – الشعب المصرى – عندنا نفس رد الفعل اللى بنطلعه من الكرتونة بتاعته وننفض عنه الكور المضادة للعتة كل ما تحصل كارثة جديدة من تحت راس اسرائيل. انا اتكلم عن الرد اللى بشوفه فى الحاجات اللى على الفيسبوك – أنا بطلت أتابع الجرايد والأخبار لحد ما أوصل لمكان يسمحلى أتفاعل بإيجابية. الناس بردو بتجيب الفيديوهات اللى فيها اسرائييلين بيضربوا ناس ويموتوهم إلخ...
مع إحترامى للمقاطعة والمظاهرات وما شابهها من مجهودات خرجت من أفراد رأوا أن ما حك جلدك مثل ظفرك فتولوا هم أمر أن يقاوموا من بيوتهم وأن تكون أسلحتهم هى ألسنتهم وثلاجاتهم وأجسادهم تحت عصى قوات الأمن بس يا جماعة أنتوا شايفين إن فى نتيجة للى بتعملوه يعنى؟ أنا حاسس أنكم حافظين مش فاهمين. إسرائيل قتلت كذا، أضرب اليافطة وأحفظ الباركود وأنزل أضرّب بالتشديد. الدنمارك رسمت، أضرب ستيكر على العربية وأمنع الشاى باللبن البودرة من البيت. خلاص مبقاش عندنا رد فعل إيجابى ... كله سلبى مفيش شتيمة.
طب تسمع واحدة تانية. من مدة حضرت ندوة لحمدى قنديل. بغض النظر إن الراجل بوظ صورته فى عينيا بشكل نهائى، كان فى واد فى تانية حقوق تقريبا وقدم نفسه قبل ما يسأل عم حمدى إنه من الناس اللى راحوا المظاهرات الكام سنة اللى فاتوا وبقوا متعودين على الضرب والسحل والحبس. الواد كان فيه نظرة مستفذة لحدود لم تكتشف بعد. نظرة فخر وعزة إنه بقى متعود على الضرب فى المظاهرات والحبس وكل ده عشانى وعشانكم أيها الخراف الخائفة. أنا بطلكم الأسطورى الذى حبانى الخالق القدير قفا يتحمل أقسى الضربات دون أن أفقض الوعى أو القدرة على أن أقول "كوماااان" من أجلكم يا صغارى. الواد ده حسسنى أنه أتعلم السياسة من فيلم الكرنك.
أنا مش قصدى أحط من قدر كل من يحاول أن يواجه الله يوم القيامة ويقول أنه حاول على الأقل. هناك من لا يهتم بالأساس. بس هو أكيد فى حاجة ناقصة ... فلننظر للأمر من وجهة نظر إدارية، هل هناك تأثير أو نتيجة ملموسة؟ إذا كانت النتيجة الملوسة هى وصول الأمن المركزى يبقى أستمروا. وهى أكيد ليست النتيجة المرادة.
طب ممكن تسمع وجهة نظرى. أنا عارف إن مصر بلد معفنة. محدش يتشنج ويقول لا والحضارة والنيل وزويل. كل ده على راسى بس هى ما زالت بلد معفنة. لو كانت حلوة ما كانش حيبقى اللبش الأزلى اللى أحنا فيه ده. ليه منعملش حملة ضد الصهيونية بأن أحنا نذاكر كويس ونتخرج بشهادات من جامعات نظيفة ونتجوز بنات ناس ونخلف رجالة وستات يرفعوا من شأن بلدنا عشان يبقى عندنا القدرة أن أحنا نقول لا للصهيونية من غير عينينا متكون مكسورة. شوف ضربنا خماشر تمناشر صقر بدبشة إزاى؟
ليه منفكرش بصياعة؟ يعنى بدل ما عم المسجون السياسى اللى فوق ده ما يتحبس ويتبهدل ويتنيل ويحرق دم أمه عليه ويتخرج فاشل مش فاهم فى القانون اللى المفروض كان بيدرسه فى الوقت اللى ضيعه  فى المظاهرات، مش بدل الهتش ده كله كان ذاكر كويس وشرفنا فى أى حاجة وخلاص؟ عمك البرادعى بدل ما كان أهدر قيمته العالمية فى اللعب فى لعبة قديمة ومش شغالة مش كان أحسن له يعمل حملة لمحو الأمية فى مصر ولا يلم حواليه رجال الأعمال والحزب ويعملوا مشروع قومى يحقق فيه المصريين قدرهم وذاتهم؟ مش ده أحسن من الهبل اللى هو فيه دلوقتى؟ ده عامل كدا زى ميسي لما يقولك انا جاى مصر عشان المنصورة يكسب الأهلى فى كاس مصر!!!
بس خلاص.

Sunday, April 25, 2010

الجندي

يصحو فيصلى...

يدعو ويجرى...

يزأر ويكبر...

يطير ليدمر...

يجدف ليعبر...

يفترس ويكسر...

ينتقم ويبخر...

قد تدرب..قد أتقن..

وها هو يحرر...

يصاب فينزف...

يستشهد فيبشر...

.....

تحية لرجال القوات المسلحة الذين رووا بدمائهم تراب هذا الوطن.

Thursday, April 22, 2010

شارع التسعين

يمتد الطريق حتى الأفق...

والظلمة حالكة...

لا يتبقى من السيارات الأخرى سوى فوانيسها الحمراء...

والصمت صاخب...

يحب الظلمة ويكرهها...

هى ما تحول عن غايته وما يحويها...

سيصل إلى نهاية الطريق ويخوض فيها...

لا يعرف كيف ولكنه سيصل...

Tuesday, April 20, 2010

وقت الراحة

وقت الراحة...

يجلس على بعض السلمات المؤدية إلى داخل المبنى ويتأمل الناس...

و يسرح بخياله...

البحر جميل...

هى جميلة...

إتخذت الرمال والمياه والسماء درجات مختلفة من الرمادى يخترقها قرص الشمس الملتهب بشفقه الأحمر...

وهى سيدة هذا المنظر...

وكان أكثر منظر مثالية يراه فى حياته...

معها يحس بالخدر...

يتأملها ويأمل أن يقضى معها باقى عمره....

تبدأ فى التلاشى...

لا يقلق فهى معه دائما...

ينهض ويرحل...

لقد إنتهى وقت الراحة....

Tuesday, April 6, 2010

العذاب

ترقد فى قفصها مع زميلاتها تنتظر وقوف العربة التى تقلهن. لقد جائوا فى الصباح الباكر. لم تكن لتشك فى نواياهم لولا أنهم لم يأتوا ومعهم غذائها ودوائها. لم يقضوا معها الوقت الكافى لتدليلها وتجميلها. بل جائوا ومعهم أشياء غريبة الشكل كانت أول مرة تراهها فى حياتها.

لا يتسع القفص ليعطى المساحة الكافية لكل قاطنيه. يرقدن جميعن فوق بعض. أشعة الشمس تتخلل المسافات التى بينهن لتدخل مباشرة إلى عينيها ولا تملك أمامها شيئا. تسمع همهمات غامضة تنتشر بين السجينات. سيأخذونهن إلى مكان بعيد وقبيح ليعذبوهن قبل أن يعدموهن.

فى البداية سيغمسوهن فى أوان ضخمة تغلى بها الماء. تنزل وما يكاد جلدها أن يلمس الماء حتى تصرخ بالألم ويكاد جلدها أن ينسلخ تماما عن جسدها ولكن لا أحد يسمعها وسط الضجيج الهائل للمعدات الموجودة بالمكان. تخرج من الإناء ويكاد فرط الألم أن يفقدها الوعى.

ثم يضعونها على منضدة ويدخلونها إلى قاعة كبيرة جنبها إلى جانب زميلاتها. لا تستطيع الحركة لذا عندما ترتطم المنضدة بالحائط تفقد توازنها وتدحرج إلى الأرض. تكاد ألا تصدق نفسها...

يمر بعض الوقت وتبدأ أن تركز فى الموقف عندما يقترب منها أحد الغرباء ويمسكها بإحكام ويدنو منها بنصل صدئ. تصرخ صرخة مكتومة وتحاول الإنفلات ولكن دون فائدة. يقترب النصل ويسلخ فى جلدها ويفقدها الألم الوعى وهى تتسائل لم كل هذا العذاب. يسلخ النصل الجلد ثم يبدأ فى التقطيع والتقسيم.

وتمر بعض الأيام....


Sunday, March 14, 2010

The warrior

He nests his spear firmly within the inside of his foot. He wants to make sure it doesn't slip backwards and waste all the thrust. He admires the stalk. Made of fine hard wood that has seen so many battles, the notches are too many to remember. He glances upwards to the sharp metal edge as it shines against the sun. He prays "Oh Allah, please let me meet my love or my friend."

He looks across the battlefield. The cavalry is charging. He remembers his training well. He remembers the voice of instructor. He remembers the nights around the fires with his comrades after the emerge victorious from battle.

The dust is getting higher and the enemy is getting closer. His captain orders them to stay calm and hold their position. He remembers his beautiful wife and their son. Wouldn't he be proud of his father today? Sooner or later, he will see them again.

You can see the faces now, as they come closer and closer, and with acceleration. The horses' eyes are red with blood, and rage. His captain orders them to hold again, with increasing resolution and tension. He unconsciously grips tighter on his spear and whispers "Don't fail me my friend".

They are here...

Sunday, February 21, 2010

الخلاصة

أنا شخصية صعبة. جدا. فبعد يوم وليلة من ما شابه الإنهيار العصبى والذى أثر على أهلى للدرجة التى سببت لهم تقلصات نفسية حادة فور مكالمتى هاتفيا وحتى تقابلنا فى اليوم التالى. ومن أعراض هذا الضباب الذى خيم على مخى هو تدوينتى الأخيرة التى نشرتها حتى أعلم ما هو رأى من سيراها منكم أيها الأفاضل.

والشهادة أن كلامكم قد برد نارى وسطر بعض الأفكار بوضوح شديد على الحائط. ما يلى هو خليط من كلامكم وتحليلى إياه وبعض الأفكار الشريدة من عندى. إليكم الخلاصة:

1- ضع هدفك أمامك وصوب تجاهه: إذا لم تعلم ما وجهتك فأى طريق سيأخذك إلى هناك. ما هدفك؟ ما رسالتك؟ ما رؤيتك؟ أين ترى نفسك بعد عشر أو عشرين عاما؟ ماذا سيكتبون على شاهد قبرك وبماذا سينعوك عندما تموت؟

لا بد أن يكون لك هدفا. بكل بساطة.شريفا أو رذيلا. ناسكا أو تاجرا. لنفسك أو لغيرك. لا بد لك أن يكون لك هدف وإلا سينقلب عقلك عليك. ستنقلب عليك حواسك. ببساطة ستجن يا عزيزى.

لا أتكلم أن تشغل نفسك بالدوران فى الساقية غير عابئ بما يحدث ما وراء الغمامة الحصير. لم يخلقكك الله ترسا وحيدا فى آلتك الخاصة. وعلمتنى الأفلام الأجنبية أن طراز رجل الأعمال الذى لا يعبأ بأحد سوى سعر أسهمه غالبا ما تكون نهايته سيئة. وغالبا ما يكون مايكل دوجلاس.

وإذا كنت لا تعرف ما هدفك فالتجربة هى صديقتك الأولى. جرب هوايات مختلفة. تعرف على أصدقاء جدد. شارك فى أنشطة جديدة. ستطور ذوقا محددا وستقابل عقليات جديدة تبعث تيارات منشطة فى مولد طموحك. وعندها سيتولد لك هدف.

لكن هدفك هذا لا بد أن يخدمك أنت أولا. ببساطة أنت عليك مسئوليات. إن لم يكن تجاه أهلك فلربك. أنت تحتاج للأكل. والحصول على وجبة دافئة وسرير دافئ فى ليلة عاصفة مطلب أساسى لأكثر الشموع إحتراقا من أجل الآخرين.

نسيت أن أنقل لكم مقولة أخيرة عن رئيس إحدى الشركات المسئولة ع مجموعة من مواقع شبكة الإنترنت، GO BIG OR GO HOME.

فليكن هدفك كبيرا. فلتحب تلك القمر ول"تستعير" هذا الجمل. إنه هدفك وطالما أنت مؤمن بأنه حقك وحلالك فماذا تنتظر؟ حتى يأتى أحدهم ويأخذه منك؟ يمكنك أن تكون رئيس الجمهورية ولكن فقط عليك أن تقوم ب...

2- تحديد الأولويات: قال أحد القادة العظام فى مامعناه أن من أراد حماية كل شئ فلن يحمى شيئا.

رتب أولوياتك. على لسان المعلم عبد الغفور البرعى(اللى يحسب الحسابات فى الهنا يبات). رتب أولوياتك وخطط لحياتك. رتب حبات العقد الذى تريد أن تتوج به رحلة حياتك. كلنا حبينا قبل أن نمشى وكلنا رضعنا قبل أن ننهش أول ساندوتش شاورما.

التمهيد خطوة أساسية قبل كل خطوة كبيرة نتخذها فى حياتنا، فلنعطه حقه وهذا يتطلب بعض ...

3- التخطيط: إذا فشلت فى التخطيط فقد خططت لفشلك. التخطيط هو الخيط الذى سيجمع حبات العقد فى عقدة واحد لا إنفكاك لها. لكن لماذا التخطيط؟ أحد أصدقائى قالها لى وأقولها لكم. إذا كانت فى الخطة فستحصل على ما تريد. ولكن كل خطة لها نهايتان لا ثالث لهما. أن تنجح، وهو توفيق من عند الله ورأفة منه بحالك. أو تفشل، وهو توفيق أكبر من الله لأنك علمت بوجود نقص أو زيادة معينة فى منظومتك إن شاء الله توفق فى تعويضها والحصول على ما تريد أو أنك تكون قد فتحت لنفسك نافذة على عالم جديد تماما بالنسبة لك.

لكن هناك بعض الاحياطات التى يجب عليك اتخاذها. لا يمكن التأكيد بما فيه الكفاية على وجود جدول زمنى. أحرص على أن تأخذ خطوة للخلف كل فترة زمنية تحددها أنت وتقيم المعدل الزمنى الذى تسير به خطواتك. لا جدوى من أنك حققت كل الخطوات اللازمة كى تكون على شفا تولى أعلى المناصب وسنك لا تسمح لك بالقيادة بسرعة عالية دون أن تصاب نزيف فى المخ.

وعليك دائما بال...

4- الصبر: فأنت تستعد لسرقة جمل وهو ما يوازى الرينج روفر المتجنتة بلغة اليوم. الجائزة كبيرة ولا بد أن تستطيع قادرا على حملها والخروج بها للسيارة. المشوار طويل. هذا أبلغ ما يقال على أى هدف يستحق أكثر من مدة يوم من العمل.

إذا كان هدفك تجديد بطاقتك أو بناء سلسلة مستشفيات إستثمارية فمشوارك طويل وكل من هب ودب سيكون أسهل له أن يعرقلك من أن يحرك مؤخرته العريضة ويفسح لك الطريق. فالصبر هو مفتاح الفرج. و...

5- ليس عليك أن تعمل وحدك: عدد المصريين فى الليمون. إذا قذفت طوبة فى أى اتجاه فستجد من سيشاركك فى تحقيق حلمك. الموضوع سيتطلب بعض القيادة من جانبك لتقنعه بالإنضمام لجانبك. وأعلم الصور التى تستدعيها كلمة قيادة فى عقول الناس من صرخات قتالية وأسهم تتناثر فى كل مكان.

نحن نتكلم عن تكوين مجموعة من الناس سيتبادلوا وجهات نظرهم فى كتب المعادلة الأمريكية. وأعلم الردود المعلبة التى تدفع بنفسها فى هذه النقطة بالذات. أعلم أن البلد بها أكثر من نصيبها الوافى من ولاد الكلب ولكن هناك الملايين من المحترمين الذن يطوقون لأحد أن يكتشف مواهبهم ويشهرهم.

وكل هذا الطوب يحتاج إلى...

6- الأسمنت، عفوا أقصد الإصرار: العبقرية هى واحد بالمئة إلهام وتسع وتسعون بالمئة عرق ومجهود. الإصرار. فكر فى أرنب إنرجايزر. فكر فى العساكر المصريين وهم يحملون ما يوازى وزنهم من عتاد وأسلحة وذخيرة والموت يحيط بهم من كل مكان وهم يفترسون الساتر الترابى تحت أحذيتهم ليحضروا الحرب للعدو.

فكر فى أمك وهى تحارب الألم والتعب كى تصل إلى العالم بسرعة وبكامل صحتك. فكر جيدا فى هدفك واعتنقه ودافع عنه أمام كل عائق بشرى أو غيره. ذود عنه أمام الملل وأمام وهن العزيمة. ذكر نفسك دائما بهدفك الأسمى. بتلك الجوهرة الضخمة التى تشبه حبة المانجو التى ترقد فى وسط عقد حياتك.

السبب الذى جعلك فى التفكير فى هدفك هو أن تحققه. فلتلعق جراحك وتشرب جرعة من الماء ولتحاول ثانية وثالثا. طالما هناك نفس يدخل فى جسدك فلتحاول حتى يخرج. أسهل ما سيقال عنك أنك طفل مدلل ولا تعرف ما يتطلبه تحقيق كذا أوكذا. إذا كنت فعلا لا تعرف فلتعرف. وإذا كنت تعرف فسحقا لهم.

وكل هذا الأسمنت مصدره ...

7- جبل من الإيمان: إذا كنت تؤمن بالله فلتعلم أن كل ما سبق لا يهم طالما لم تراعى ربك.

ونقطة أخيرة، أعترف أنى أفتقد لأغلب تلك النقاط فى شخصيتى ولكنى أسئل الله الرحيم أن يعيننى عليها.

فكل ما سبق ليس جديد على ولا بالنسبة لعدد كببر ممن سيمر عليه. إذا أين الإكتشاف؟ لا أعلم ما تأثيره سيكون على الناس. أنا أسمعه على أجزاء لمدة طويلة ومازالت مشاكلى وعيوبى لم تتغير. ممكن لأنى سمعته ولم أعيه أو أفهمه أو أستوعبه. ربما لأنى كنت ومازلت منهمكا فى شغل نفسى بما ورائى دون أن أشغل نفسى بكيفية قضائه.

ولكننا لم نر بعد ما سيحدث غدا.

أتمنى أن تكون طريقة عرضى للأمور هكذا مفيدة لأى شخص يراها فقد كتبتها من باب أدب الشباب الذى لا بد أن يهتم بتنمية نفسه لأنه كما أسلفنا فى القول لا أحد يهتم.

Friday, February 19, 2010

أزمة مقتبل العمر

لا أعلم ماهى العاهة التى سببتها لنفسى حتى لا أعرف أن أنقل ما داخل رأسى إلى أذن من أمامى إلا بعد فوران خمس براكين وسقوط الضحايا وهدم إحدى المدن المليونية. وحتى هذه النتيجة لا أعرف الوصول إليها فى كل الأحيان.

الموضوع بسيط. أنا لا أريد أن أجد نفسى فى يوم من الأيام وقد فقدت أحد شرايينى التاجية وأمرأتى البائسة تشكى لى أداء أبنى المتخلف دراسيا فى مادة الحساب وأبنتى شارفت سن الزواج ونحتاج إلى شراء جهازها. وعندما أرى كل هذه الفوضى من بعيد أجد نفسى فى واد وأهدافى وتحقيق ذاتى فى واد آخر فى قارة مجاورة.

وحتى لا ينقض أحدكم على أقرب إستنتاج سفيه جانبه، لست نادما على دخولى كلية الطب. إلى جانب الفرص المتاحة بتخرجى من هذه الكلية فالناس التى قابلتها والأمور التى عرفتها والخبرات التى مررت بها والتى غيرت منى تغييرا شاملا كافية لأمر بالتجربة من أول وجديد.

ولكن طوال الفترة الأخيرة التى قضيتها بالكلية ظل هناك إحساس سافل بداخلى. وهو أنى مثل السجين الذى ينتظر إنتهاء المدة حتى يستطيع أن يقرر مصيره. لا أود أن أحس هذا الإحساس مرة أخرى. أن يكون أكبر دليل على خروجى من مرحلة هو أهليتى للدخول فى مرحلة أخرى.

لا أرى نفسى - الآن على الأقل - أتمرن لمدة خمسة عشر عاما حتى أتقن عملية أفيد بها ثمانية أفراد كل عام. وليس هدفى جمع المال. هذا رزق من الله سبحانه وتعالى وأكثر من نصف الشعب المصرى حى يرزق ويجنى أقل من نصف مصروفى اليومى فى اليوم. أعلم أن هناك مسؤليات تنتظرنى مثل الزواج والأبناء ولكن هذه المسئوليات - من وجهة نظرى - قابلة للتكيف لظروفى وليس العكس.

هناك خطة، و قد شاركت فى وضعها، لأن أتمرن على مسوى عال وكل شئ موضوع بشكل يتيح لى أن أنتهى المشوار وأنا فى الخامسة والثلاثين بمشيئة الله. وخوفى من أن تتحول حياتى إلى خط معلق ينتظر الحرارة بعد إنتهاء التدريب!

لا أريد أن أقف أمام ربى يوم القيامة وجل ما قمت به هو المذاكرة والمزيد من المذاكرة وبعض العمل والكثير من التبذير وإنجاب و تنشئة طفلين مدللين لا خير فيهما بعد كل هذا الكلام عن إيقاد الشموع والأساطير الذاتية وخاصة أنى أرغب فى أكثر من هذا.

لا أهتم إذا كنت تشعر أن هذا الكلام صادر من طفل مدلل وفر له آباؤه الصغيرة والكبيرة وها هو الآن يتمرد على نعمة ربه. من موقعى هذا هناك إختيارات كثيرة وطرق أكثر وقليل منها الذى لا ينتهى بحفرة عميقة.

غاية ما فى الأمر هو أنى دخلت الكلية مستندا إلى قيم مبادئ ووجهة نظر محدودة بشدة بالمقارنة لتلك التى خرجت بها من الكلية. ومنايا هو الحصول على فرصة لأتأكد لأين أود أن أوجه المركب الورق التى أركبها الآن.

وبعد أن كشفت ما بداخل رأسى من كلاب سعرانة، فأفتونى أيها الملأ.

Tuesday, February 16, 2010

أوقدوا الشموع

بينما الأوغاد يقضون وقتهم بوادى دجلة يلعبون ويشوون ويأكلون غير عابئين بالمرة بمشاعرى، أود أن أتكلم معكم عن الدوافع والدروس المستفادة من تنظيمنا للمؤتمر الذى حضرتموه أو سمعتم عنه أو تجهلوا عنه كل شئ.

فى الحياة عموما، نسير فى الطرق الأقل مقاومة لحركتنا. نحن والكهرباء وحتى الطيور. فليس غريبا أن ترى الممثل وقد سار ولده ممثلا مثله، مستندا إلى خبرات وعلاقات والده التى حتما ستسهل أمامه الكثير من الصعاب. ومن لا ينتسب إلى أحد فى مجال معين يستند على أصدقاء العائلة.

ومن لا يملك هذا أو ذاك يبذل قصارى جهده فى الدراسة وجمع المعلومات الضرورية لتخطيط حياته. ليس معنى هذا أن الذى ولد فى هذه التربة الخصبة لن يتعب أو يكبر ليصبح شاب مدلل يلجأ إلى أهله فى الصغيرة قبل الكبيرة، وبالتوازى هذا لا يعنى أن العصامى سيصير حاقد وناقم يرى كل من أمامه على أنهم أقل منه.

إنها أرزاق يودعها الله كيفما يشاء ليرى من سيستخدمها لتحقيق أهداف سامية ومن سيدعها تذهب أدراج الرياح.

وما أردنا تحقيقه من خلال هذا المؤتمر - والذى أحمد الله أنه وفقنا لجزء ضخم منه - هو نصب زملائنا على منصة إطلاق واحدة مستوية ونقطة بداية موحدة لينظر كل منهم إلى أين يود أن ينطلق صاروخه. يرى أين أسطورته الذاتية ويذهب إليها - كما تفتق ذهن باولو كويلهو.

إليكم هذا الإكتشاف: لقد أضاءنا ما يوازى شمعة أو إثنان فى شارع منقطعة عنه الكهرباء لما يزيد عن القرن. هناك شمعة أو إثنان أو مئة أو مئتان من الشموع يلوحوا على الأفق. هم منتثرون. يكاد ضوئهن أن يختفى إلى الأبد لولا جهود القائمين عليهن. ولولا تلك الشموع لمتنا جميعا من إرتجاج المخ نتيجة لتخبطنا ببعض والغرق فى البواليع المفتوحة فى هذا الشارع. وما نحتاجه هو المزيد من الشموع.

دعنى أشرح...خلال مشاركتى فى تنظيم المؤتمر رأيت أناس لم أتخيل فى يوم أنهم سيكونوا على الدرجة المطلوبة من التنظيم والإلتزام وكانوا دائما أول الموجودين فى الحاجة أو وقت الإجتماع. لقد صار هذاالمؤتمر مثل الجيش. الآلة التى تدخل فيها البقرة من طرف ليخرج لانشون من الطرف الآخر. لقد تعلم الجميع من أول محمد يحيى مقرر المؤتمر وحتى أصغرنا دروسا وخبرات ستنفعهم فى المؤتمرات القادمة والحياة عموما.

لا بد من استغلال هذه المجموعة من الناس وغيرهم ممن عملوا فى أسر أو جمعيات خيرية أو ما شابههم من جهات تستنزف الجهد والوقت بدون عائد مادى من أجل أن تقدم خدمات للعامة فى العمل على نقل خبرتهم وطوحاتهم لأكبر قدر ممكن من الشباب أمثالهم.

هؤلاء هم فعلا أكبر وأقدر فئة معبرة عن قدرات وطموح الشاب المصرى وليس موظف رعاية الشباب الخماسينى المتدلى كرشه أمامه مترين.

وقد تظهر صعوبات أمام تحقيق هذا الحلم، دعنى أذكرك اننا أمام مجموعة من الناس فى مقتبل العمر وأمامها إحتياجات مثل الزواج وفرصة العمل والاستقرار. فلا بد من الحصول على نوع من أنواع الدعم يتيح لهؤلاء تخصيص جزءمن وقتهم وجهدهم لتدريس خبراتهم الحياتية ومساعدة أقرانم على النهوض بالبلد.

حفنة من المليارات التى تضيع هدرا كل عام تكفى.

أرى أن هذا أحسن بمراحل من أن يعيب كل من هب ودب على شباب الأمة وكيف أنهم لم يفلحوا فى أى شئ سوى الجرى وراء تامر حسنى، بينما هؤلاء "القدماء" هم من أوصلونا إلى قطع النور عن الشارع!!

Sunday, January 17, 2010

للطلبة الجدد - هذه هى الحياة خارج حضن أمك

-
بعد أكثر من ست سنين، أنتهى بعد غد من الدراسة والإمتحان فى كلية الطب بجامعة عين شمس.
لن أجتر الذكريات والمطاعم ومحلات العصير التى قديت بها أحلى فترات ما بعد الدروس والإمتحانات فهذه تجربة شخصية لن يفيدك منها غير ما تواجهه أنت بنفسك فى يوم من الأيام.

أما هذه الكلمات فممكن أن تنصت لها وتحللها وتستخلص منها ما تراه قد يفيدك وممكن تنقشع من هنا لأننى لست فى مزاج يسمح لى بتحمل هرائك.

1- مبروك، لست مختلف: لقد دخلت هذه الكلية ومهما أختلف الطاقم الفنى لجامعتك فأنت دخلت وغيرك لم يدخل. أرجو أن تنتهى من رقصة النصر الخاصة بك سريعا. أنت لست شخصية فذة. أنظر إلى يمينك وإلى يسارك وورائك وخلفك. كل هؤلاء فعلوا ما فعلت. ذاكروا مثلك. أمهم قطعت كابل التلفاز مثل أمك. نسوا شكل الشارع مثلما نسيته أنت. ضحيت وضحوا حتى يصبح لكم الحق فى الجلوس فى هذه القاعة. كلما أسرعت فى إستيعاب أن كريمة المجتمع متوفرة وبغزرة عند أصغر بقال فى منطقة حلايب و شلاتين كلما أسرعنا كلنا فى الإستمرار فى حياتنا.

2- أحذر من عضوية القطيع: هذا المحاضر لو تكلم فى بلاغة إضافة السلق إلى القلقاس لكان كلامه مفهوما أكثر من محاولاته الفاشلة فى شرح العلاقة بين أصابع القدم الواحدة. ما العمل إذا؟ إنها الدروس الخصوصية. الرصاصة الذهبية التى ستقتل المواد المستئذبة والإمتحانات الماصة للدرجات. خطأ. بالخط السميك وفونت عشرين. ما أخذ الجميع وقتهم فى أن يخدعوك به من (الكلية أسهل من الثانوية) و(بكرة تقعد فى الكلية مش لاقى حاجة تعملها) ومثل هذا الهذيان المغلف بالهراء الباهظ الثمن ليس حقيقى. الكلية أصعب بكثير جدا من الثانوية العامة. والحياة أصعب وأصعب.

والدروس تزيد من هذه الصعوبة فى الكلية وما بعدها. ستصيب مخك بالضمور. لن تستطيع أن تقرأ ما خارج الورق "التت" الذى يتنبأ به الأستاذ ليلا و هو يرقد جنب زوجته. ستجد من يعوى بعد ثلاث أيام (أوه، إنى أجد صعوبة فى متابعة المحاضر) و(سأذهب إلى كذا وكذا وسينصبوا المادة فى دماغى على سقالة). هذا لن يصمد فى العالم الخارجى. إلى جانب أنك ستصل إلى مثل سنى هذه وتكتشف أنك لست خريج كلية طب ولكن طريقة تفكيرك ومذاكرتك اقرب إلى السمكرى منها إلى الطبيب. وكل الإحترام للحرفيين.

قد يكون هذا ثمن رخيص فى عينيك مقابل الوصول إلى التقدير الذى يسمحلك بالحصول على عضوية هيئة التدريس. ولكن شكلك سيكون حقير امام النائب زميلك الذى يتعامل مع المرجع ذى الألفى صفحة على أنه مجلة ميكى. إلى جانب أنه سيكون أحسن منك بمراحل.

3- أصبر وكافح: وأشترى مراجع وأحرص على أن تقرأ منها. هذه النصيحة بالذات لطلبة السنين الثلاث الأولى. فأنت فى هذه الفترة تتمتع بصغر المواد و صغر درجاتها ومتسع من الوقت وفراغ فى الوقت. لن تحظى بهذه المميزات مع بداية نصف العام الثانى فى السنة الثالثة، فأستغلها جيدا. أعدك أنها ستكون صعبة فى البداية، ولكنها مثل الجرى الذى نسينا أسمه و شكله ستصبح سهلة تدريجيا وستستمع بها جدا فى النهاية وتحس أنك كائن أسمى علما من الخراف حولك الذين يتمتمون الملازم بدون وعى أو فهم دقيق (إلا من رحم ربى).

4- هناك دائما وقت: أنت فقط فشلت فى استغلاله. هناك وقت للقراءة الخارجبة. هناك وقت للخروج مع أصدقائك. هنال وقت للرياضة. هناك وقت للإشتراك فى الأنشطة المختلفة بكليتك من أسر وجمعيات...إلخ. لا فائدة من طبيب لا يعرف أن يتعامل مع فريق. لا فائدة من طبيب لا يعرف أن يتكلم مع من هو أكبر منه فى المرتبة أو الدرجة. لا فائدة من طبيب لا يخرج من منطقة راحته المطوقة بالملازم وإمتحانات السنين السابقة. لا فائدة من طبيب يبشر بأضرار السمنة ولولا الشارب لأيقدنا النار تحت المغات فور روئيته.

5- لا يحتاج البحث العلمى لميزانية: فتستطيع أن تقوم به لو مصروفك خمسة جنيهات تتلقاها كل أسبوع من والدك بعد تقديم فروض الولاء والقسم على بذل النفيس فى حماية إسم العائلة من الوقوع فى وحل العار لو رسبت فى أى مادة.
الطب الوقائى فرع مهم من الطب وهو ما ينصح به الخبراء للبلاد النامية. تستطيع أن تعرف سبب إنتشار مرض من الأمراض بمجرد أخذك عينة عشوائية من آلاف المرضى الذين يوردوا على مستشفيات جامعتك الغراء. أضف المعايير العلمية السهل تطبيقها على ورقتك العلمية وسيكون بين يديك مستند علمى جدير بالنشر فى المجلات الطبية العالمية. هذا ليس كلام نتيجة أسلوب حياة معدل كيميائيا (أى أنا لا أتناول المخدرات). هذا كلام واقعى حدث ويحدث فعلا فى كلياتنا ولكنه من الأشياء التى لا تأخذ حقها الكافى فى الدعاية.

6- أقلع عن التدخين: أنت حيوان لو رأيت أنه لا مانع أن تكون أداة الله فى شفاء الآخرين وتقتل نفسك فى ذات الوقت.

7- لا أحد يهتم: لا أحد يود أن يهتم. لا أ حد يعرف أن يهتم. خذها كيفما تشاء، لكن النهاية واحدة: لا أحد يهتم إذا فهمت. لا أحد يهتم إذا طبقت. لا أحد يهتم إذا نجحت. يا عزيزى لا أحد يهتم إذا مات مريض تحت يديك أتظن أنهم سيهتمون بك؟ فالحل الوحيد أمامك أن تهتم أنت.

أنا لا أهتم إذا كنت أخترت هذه الكلية عن رضا أو قسر. هذه مشكلتك فلتحلها بنفسك. أنا أهتم أن تحلها بسرعة. إذا رأيت أن مكانك ليس هنا وأنه لا مستقبل لك فى هذا الكار فلتذهب وتسحب ملفك و بالسلامة. إذا قررت أنك ستكمل فليكن هذا للأسباب الصحيحة. ليس لأن المعطف الأبيض يليق بك أو أن لقب دكتور له رنة خاصة. لن يشفع المعطف واللقب لك أمام قنبلة السباب والشباشب الغبية التى ستتلقاها من أهل المريض إذا لم يفهموا مبدأ المراقبة أو عدم الشرب أو عدم الأكل.
لا أحد سيهتم أن تعرف المعلومة كاملة دون أى شوائب. لا أحد سيهتم أن تعرف نظام الإمتحان. لا أحد سيهتم أين ستعمل بعد التخرج أو من أين تأكل. هذه هى الحياة خارج حضن أمك، فإما أن تنضج سريعا أو تتعفن وتجلس جنب طابور المتخرجين الفاشلين الطويل الذى هناك.

8- أحرص على أن تكون فى المقدمة فى العلم، على أن تكون بدراية بكل شئ تم تدريسه لك فى أى مكان. لأن إذا لم تعرف فغيرك يعرف. وإذا كنت تعرف فلا تجعل هذا يحولك إلى وغدا حقيقيا. لا تستهزئ بزملائك الأقل منك فى العلم لأن هذه الكلية مرحلة من عدة مراحل ويمكن أن يعود أحدهم فى يوم ما ويمسح بك بلاط القسم.

لقد جلست لمدة ما يقرب الساعتين أكتب هذا الكلام من أجل أن أعطيك منظور لم يهتم أحد أن يعطينيه. أحذرك من أن تنخدع من اللهجة السلبية العدائية فى الكلام، فظاهرها العذاب وباطنها الرحمة. لا بد من أن يكون لك هدف تسعى إليه وتوجه سفينتك إليه وإلى سينتهى بك المئال إلى أرض غريبة أو يكون مصيرك أسوأ بكثير. اما إذا كانت مشاعرك قد جرحت ولا تستطيع ان تكبت دموعك اكثر من هذا فأبشرك أن هذا هو أرق كلام يمكن أن تسمعه وأؤكد لك أنه بإمكانك الذهاب إلى الجحيم مباشرة لو ركبت الميكروباص الذى هناك.

أرجو النقد البناء.