Sunday, February 21, 2010

الخلاصة

أنا شخصية صعبة. جدا. فبعد يوم وليلة من ما شابه الإنهيار العصبى والذى أثر على أهلى للدرجة التى سببت لهم تقلصات نفسية حادة فور مكالمتى هاتفيا وحتى تقابلنا فى اليوم التالى. ومن أعراض هذا الضباب الذى خيم على مخى هو تدوينتى الأخيرة التى نشرتها حتى أعلم ما هو رأى من سيراها منكم أيها الأفاضل.

والشهادة أن كلامكم قد برد نارى وسطر بعض الأفكار بوضوح شديد على الحائط. ما يلى هو خليط من كلامكم وتحليلى إياه وبعض الأفكار الشريدة من عندى. إليكم الخلاصة:

1- ضع هدفك أمامك وصوب تجاهه: إذا لم تعلم ما وجهتك فأى طريق سيأخذك إلى هناك. ما هدفك؟ ما رسالتك؟ ما رؤيتك؟ أين ترى نفسك بعد عشر أو عشرين عاما؟ ماذا سيكتبون على شاهد قبرك وبماذا سينعوك عندما تموت؟

لا بد أن يكون لك هدفا. بكل بساطة.شريفا أو رذيلا. ناسكا أو تاجرا. لنفسك أو لغيرك. لا بد لك أن يكون لك هدف وإلا سينقلب عقلك عليك. ستنقلب عليك حواسك. ببساطة ستجن يا عزيزى.

لا أتكلم أن تشغل نفسك بالدوران فى الساقية غير عابئ بما يحدث ما وراء الغمامة الحصير. لم يخلقكك الله ترسا وحيدا فى آلتك الخاصة. وعلمتنى الأفلام الأجنبية أن طراز رجل الأعمال الذى لا يعبأ بأحد سوى سعر أسهمه غالبا ما تكون نهايته سيئة. وغالبا ما يكون مايكل دوجلاس.

وإذا كنت لا تعرف ما هدفك فالتجربة هى صديقتك الأولى. جرب هوايات مختلفة. تعرف على أصدقاء جدد. شارك فى أنشطة جديدة. ستطور ذوقا محددا وستقابل عقليات جديدة تبعث تيارات منشطة فى مولد طموحك. وعندها سيتولد لك هدف.

لكن هدفك هذا لا بد أن يخدمك أنت أولا. ببساطة أنت عليك مسئوليات. إن لم يكن تجاه أهلك فلربك. أنت تحتاج للأكل. والحصول على وجبة دافئة وسرير دافئ فى ليلة عاصفة مطلب أساسى لأكثر الشموع إحتراقا من أجل الآخرين.

نسيت أن أنقل لكم مقولة أخيرة عن رئيس إحدى الشركات المسئولة ع مجموعة من مواقع شبكة الإنترنت، GO BIG OR GO HOME.

فليكن هدفك كبيرا. فلتحب تلك القمر ول"تستعير" هذا الجمل. إنه هدفك وطالما أنت مؤمن بأنه حقك وحلالك فماذا تنتظر؟ حتى يأتى أحدهم ويأخذه منك؟ يمكنك أن تكون رئيس الجمهورية ولكن فقط عليك أن تقوم ب...

2- تحديد الأولويات: قال أحد القادة العظام فى مامعناه أن من أراد حماية كل شئ فلن يحمى شيئا.

رتب أولوياتك. على لسان المعلم عبد الغفور البرعى(اللى يحسب الحسابات فى الهنا يبات). رتب أولوياتك وخطط لحياتك. رتب حبات العقد الذى تريد أن تتوج به رحلة حياتك. كلنا حبينا قبل أن نمشى وكلنا رضعنا قبل أن ننهش أول ساندوتش شاورما.

التمهيد خطوة أساسية قبل كل خطوة كبيرة نتخذها فى حياتنا، فلنعطه حقه وهذا يتطلب بعض ...

3- التخطيط: إذا فشلت فى التخطيط فقد خططت لفشلك. التخطيط هو الخيط الذى سيجمع حبات العقد فى عقدة واحد لا إنفكاك لها. لكن لماذا التخطيط؟ أحد أصدقائى قالها لى وأقولها لكم. إذا كانت فى الخطة فستحصل على ما تريد. ولكن كل خطة لها نهايتان لا ثالث لهما. أن تنجح، وهو توفيق من عند الله ورأفة منه بحالك. أو تفشل، وهو توفيق أكبر من الله لأنك علمت بوجود نقص أو زيادة معينة فى منظومتك إن شاء الله توفق فى تعويضها والحصول على ما تريد أو أنك تكون قد فتحت لنفسك نافذة على عالم جديد تماما بالنسبة لك.

لكن هناك بعض الاحياطات التى يجب عليك اتخاذها. لا يمكن التأكيد بما فيه الكفاية على وجود جدول زمنى. أحرص على أن تأخذ خطوة للخلف كل فترة زمنية تحددها أنت وتقيم المعدل الزمنى الذى تسير به خطواتك. لا جدوى من أنك حققت كل الخطوات اللازمة كى تكون على شفا تولى أعلى المناصب وسنك لا تسمح لك بالقيادة بسرعة عالية دون أن تصاب نزيف فى المخ.

وعليك دائما بال...

4- الصبر: فأنت تستعد لسرقة جمل وهو ما يوازى الرينج روفر المتجنتة بلغة اليوم. الجائزة كبيرة ولا بد أن تستطيع قادرا على حملها والخروج بها للسيارة. المشوار طويل. هذا أبلغ ما يقال على أى هدف يستحق أكثر من مدة يوم من العمل.

إذا كان هدفك تجديد بطاقتك أو بناء سلسلة مستشفيات إستثمارية فمشوارك طويل وكل من هب ودب سيكون أسهل له أن يعرقلك من أن يحرك مؤخرته العريضة ويفسح لك الطريق. فالصبر هو مفتاح الفرج. و...

5- ليس عليك أن تعمل وحدك: عدد المصريين فى الليمون. إذا قذفت طوبة فى أى اتجاه فستجد من سيشاركك فى تحقيق حلمك. الموضوع سيتطلب بعض القيادة من جانبك لتقنعه بالإنضمام لجانبك. وأعلم الصور التى تستدعيها كلمة قيادة فى عقول الناس من صرخات قتالية وأسهم تتناثر فى كل مكان.

نحن نتكلم عن تكوين مجموعة من الناس سيتبادلوا وجهات نظرهم فى كتب المعادلة الأمريكية. وأعلم الردود المعلبة التى تدفع بنفسها فى هذه النقطة بالذات. أعلم أن البلد بها أكثر من نصيبها الوافى من ولاد الكلب ولكن هناك الملايين من المحترمين الذن يطوقون لأحد أن يكتشف مواهبهم ويشهرهم.

وكل هذا الطوب يحتاج إلى...

6- الأسمنت، عفوا أقصد الإصرار: العبقرية هى واحد بالمئة إلهام وتسع وتسعون بالمئة عرق ومجهود. الإصرار. فكر فى أرنب إنرجايزر. فكر فى العساكر المصريين وهم يحملون ما يوازى وزنهم من عتاد وأسلحة وذخيرة والموت يحيط بهم من كل مكان وهم يفترسون الساتر الترابى تحت أحذيتهم ليحضروا الحرب للعدو.

فكر فى أمك وهى تحارب الألم والتعب كى تصل إلى العالم بسرعة وبكامل صحتك. فكر جيدا فى هدفك واعتنقه ودافع عنه أمام كل عائق بشرى أو غيره. ذود عنه أمام الملل وأمام وهن العزيمة. ذكر نفسك دائما بهدفك الأسمى. بتلك الجوهرة الضخمة التى تشبه حبة المانجو التى ترقد فى وسط عقد حياتك.

السبب الذى جعلك فى التفكير فى هدفك هو أن تحققه. فلتلعق جراحك وتشرب جرعة من الماء ولتحاول ثانية وثالثا. طالما هناك نفس يدخل فى جسدك فلتحاول حتى يخرج. أسهل ما سيقال عنك أنك طفل مدلل ولا تعرف ما يتطلبه تحقيق كذا أوكذا. إذا كنت فعلا لا تعرف فلتعرف. وإذا كنت تعرف فسحقا لهم.

وكل هذا الأسمنت مصدره ...

7- جبل من الإيمان: إذا كنت تؤمن بالله فلتعلم أن كل ما سبق لا يهم طالما لم تراعى ربك.

ونقطة أخيرة، أعترف أنى أفتقد لأغلب تلك النقاط فى شخصيتى ولكنى أسئل الله الرحيم أن يعيننى عليها.

فكل ما سبق ليس جديد على ولا بالنسبة لعدد كببر ممن سيمر عليه. إذا أين الإكتشاف؟ لا أعلم ما تأثيره سيكون على الناس. أنا أسمعه على أجزاء لمدة طويلة ومازالت مشاكلى وعيوبى لم تتغير. ممكن لأنى سمعته ولم أعيه أو أفهمه أو أستوعبه. ربما لأنى كنت ومازلت منهمكا فى شغل نفسى بما ورائى دون أن أشغل نفسى بكيفية قضائه.

ولكننا لم نر بعد ما سيحدث غدا.

أتمنى أن تكون طريقة عرضى للأمور هكذا مفيدة لأى شخص يراها فقد كتبتها من باب أدب الشباب الذى لا بد أن يهتم بتنمية نفسه لأنه كما أسلفنا فى القول لا أحد يهتم.

Friday, February 19, 2010

أزمة مقتبل العمر

لا أعلم ماهى العاهة التى سببتها لنفسى حتى لا أعرف أن أنقل ما داخل رأسى إلى أذن من أمامى إلا بعد فوران خمس براكين وسقوط الضحايا وهدم إحدى المدن المليونية. وحتى هذه النتيجة لا أعرف الوصول إليها فى كل الأحيان.

الموضوع بسيط. أنا لا أريد أن أجد نفسى فى يوم من الأيام وقد فقدت أحد شرايينى التاجية وأمرأتى البائسة تشكى لى أداء أبنى المتخلف دراسيا فى مادة الحساب وأبنتى شارفت سن الزواج ونحتاج إلى شراء جهازها. وعندما أرى كل هذه الفوضى من بعيد أجد نفسى فى واد وأهدافى وتحقيق ذاتى فى واد آخر فى قارة مجاورة.

وحتى لا ينقض أحدكم على أقرب إستنتاج سفيه جانبه، لست نادما على دخولى كلية الطب. إلى جانب الفرص المتاحة بتخرجى من هذه الكلية فالناس التى قابلتها والأمور التى عرفتها والخبرات التى مررت بها والتى غيرت منى تغييرا شاملا كافية لأمر بالتجربة من أول وجديد.

ولكن طوال الفترة الأخيرة التى قضيتها بالكلية ظل هناك إحساس سافل بداخلى. وهو أنى مثل السجين الذى ينتظر إنتهاء المدة حتى يستطيع أن يقرر مصيره. لا أود أن أحس هذا الإحساس مرة أخرى. أن يكون أكبر دليل على خروجى من مرحلة هو أهليتى للدخول فى مرحلة أخرى.

لا أرى نفسى - الآن على الأقل - أتمرن لمدة خمسة عشر عاما حتى أتقن عملية أفيد بها ثمانية أفراد كل عام. وليس هدفى جمع المال. هذا رزق من الله سبحانه وتعالى وأكثر من نصف الشعب المصرى حى يرزق ويجنى أقل من نصف مصروفى اليومى فى اليوم. أعلم أن هناك مسؤليات تنتظرنى مثل الزواج والأبناء ولكن هذه المسئوليات - من وجهة نظرى - قابلة للتكيف لظروفى وليس العكس.

هناك خطة، و قد شاركت فى وضعها، لأن أتمرن على مسوى عال وكل شئ موضوع بشكل يتيح لى أن أنتهى المشوار وأنا فى الخامسة والثلاثين بمشيئة الله. وخوفى من أن تتحول حياتى إلى خط معلق ينتظر الحرارة بعد إنتهاء التدريب!

لا أريد أن أقف أمام ربى يوم القيامة وجل ما قمت به هو المذاكرة والمزيد من المذاكرة وبعض العمل والكثير من التبذير وإنجاب و تنشئة طفلين مدللين لا خير فيهما بعد كل هذا الكلام عن إيقاد الشموع والأساطير الذاتية وخاصة أنى أرغب فى أكثر من هذا.

لا أهتم إذا كنت تشعر أن هذا الكلام صادر من طفل مدلل وفر له آباؤه الصغيرة والكبيرة وها هو الآن يتمرد على نعمة ربه. من موقعى هذا هناك إختيارات كثيرة وطرق أكثر وقليل منها الذى لا ينتهى بحفرة عميقة.

غاية ما فى الأمر هو أنى دخلت الكلية مستندا إلى قيم مبادئ ووجهة نظر محدودة بشدة بالمقارنة لتلك التى خرجت بها من الكلية. ومنايا هو الحصول على فرصة لأتأكد لأين أود أن أوجه المركب الورق التى أركبها الآن.

وبعد أن كشفت ما بداخل رأسى من كلاب سعرانة، فأفتونى أيها الملأ.

Tuesday, February 16, 2010

أوقدوا الشموع

بينما الأوغاد يقضون وقتهم بوادى دجلة يلعبون ويشوون ويأكلون غير عابئين بالمرة بمشاعرى، أود أن أتكلم معكم عن الدوافع والدروس المستفادة من تنظيمنا للمؤتمر الذى حضرتموه أو سمعتم عنه أو تجهلوا عنه كل شئ.

فى الحياة عموما، نسير فى الطرق الأقل مقاومة لحركتنا. نحن والكهرباء وحتى الطيور. فليس غريبا أن ترى الممثل وقد سار ولده ممثلا مثله، مستندا إلى خبرات وعلاقات والده التى حتما ستسهل أمامه الكثير من الصعاب. ومن لا ينتسب إلى أحد فى مجال معين يستند على أصدقاء العائلة.

ومن لا يملك هذا أو ذاك يبذل قصارى جهده فى الدراسة وجمع المعلومات الضرورية لتخطيط حياته. ليس معنى هذا أن الذى ولد فى هذه التربة الخصبة لن يتعب أو يكبر ليصبح شاب مدلل يلجأ إلى أهله فى الصغيرة قبل الكبيرة، وبالتوازى هذا لا يعنى أن العصامى سيصير حاقد وناقم يرى كل من أمامه على أنهم أقل منه.

إنها أرزاق يودعها الله كيفما يشاء ليرى من سيستخدمها لتحقيق أهداف سامية ومن سيدعها تذهب أدراج الرياح.

وما أردنا تحقيقه من خلال هذا المؤتمر - والذى أحمد الله أنه وفقنا لجزء ضخم منه - هو نصب زملائنا على منصة إطلاق واحدة مستوية ونقطة بداية موحدة لينظر كل منهم إلى أين يود أن ينطلق صاروخه. يرى أين أسطورته الذاتية ويذهب إليها - كما تفتق ذهن باولو كويلهو.

إليكم هذا الإكتشاف: لقد أضاءنا ما يوازى شمعة أو إثنان فى شارع منقطعة عنه الكهرباء لما يزيد عن القرن. هناك شمعة أو إثنان أو مئة أو مئتان من الشموع يلوحوا على الأفق. هم منتثرون. يكاد ضوئهن أن يختفى إلى الأبد لولا جهود القائمين عليهن. ولولا تلك الشموع لمتنا جميعا من إرتجاج المخ نتيجة لتخبطنا ببعض والغرق فى البواليع المفتوحة فى هذا الشارع. وما نحتاجه هو المزيد من الشموع.

دعنى أشرح...خلال مشاركتى فى تنظيم المؤتمر رأيت أناس لم أتخيل فى يوم أنهم سيكونوا على الدرجة المطلوبة من التنظيم والإلتزام وكانوا دائما أول الموجودين فى الحاجة أو وقت الإجتماع. لقد صار هذاالمؤتمر مثل الجيش. الآلة التى تدخل فيها البقرة من طرف ليخرج لانشون من الطرف الآخر. لقد تعلم الجميع من أول محمد يحيى مقرر المؤتمر وحتى أصغرنا دروسا وخبرات ستنفعهم فى المؤتمرات القادمة والحياة عموما.

لا بد من استغلال هذه المجموعة من الناس وغيرهم ممن عملوا فى أسر أو جمعيات خيرية أو ما شابههم من جهات تستنزف الجهد والوقت بدون عائد مادى من أجل أن تقدم خدمات للعامة فى العمل على نقل خبرتهم وطوحاتهم لأكبر قدر ممكن من الشباب أمثالهم.

هؤلاء هم فعلا أكبر وأقدر فئة معبرة عن قدرات وطموح الشاب المصرى وليس موظف رعاية الشباب الخماسينى المتدلى كرشه أمامه مترين.

وقد تظهر صعوبات أمام تحقيق هذا الحلم، دعنى أذكرك اننا أمام مجموعة من الناس فى مقتبل العمر وأمامها إحتياجات مثل الزواج وفرصة العمل والاستقرار. فلا بد من الحصول على نوع من أنواع الدعم يتيح لهؤلاء تخصيص جزءمن وقتهم وجهدهم لتدريس خبراتهم الحياتية ومساعدة أقرانم على النهوض بالبلد.

حفنة من المليارات التى تضيع هدرا كل عام تكفى.

أرى أن هذا أحسن بمراحل من أن يعيب كل من هب ودب على شباب الأمة وكيف أنهم لم يفلحوا فى أى شئ سوى الجرى وراء تامر حسنى، بينما هؤلاء "القدماء" هم من أوصلونا إلى قطع النور عن الشارع!!